لحظات انتظار



بَدأت أحلامي بك عندما لملم الواقع أطياف مفاتنه ورحل.. عندما لُحت لي من بعيد ذات لقاء.. أغمضت عينيَ طويلاً فحلمت.. لا أذكر أنني فتحتهما بعد ذلك أبداً..

منذ عدة أزمان.. كنت بأنتظارك.. آلاف المرات.. على عتبات خطى مبعثرة الأماكن.. أتحسس خطوات الطريق بين المارة ومتسولي العشق وبائعي التبغ المزيف.. ثم فجأة لا أدري كيف.. وجدتك بينهم.. شاخصاً كالصنم.. صارخاً كالعتمة.. توحي إلي بصوت النقاء في سُمرة ملامحك الغابة..

لعلها لم تصلك موجات عشقي بعد.. مر زمن بعيد مذ بدأت سردها بالقرب من عمود إتصال كنت ألقنها له بتأني.. بوِد.. حتى لا تداعب فيك إلا خلاياك التي تخصني..

كنت بإنتظارك على ضفة السراب وحدي.. أرمقك من بعيد بنظرات تحمل كل الأحاسيس التي سأهبها لك عندما نصبح أنا وأنت (نحن).. عندما يصبح السراب ماءً..

كنت بانتظارك في داخل أعماقك.. حتى ظننتك لن تأتي فحزمت أمتعتي وهممت بالرحيل ومازلت.. وسأظل أمشي وأبحث فيك عن الشاطئ.. ما دمتَ (أنت) تخبئه عني بكثبانك الكثيفة.. وما دمتُ (أنا) أُسيء تقدير المسافة التي تفصلنا..

كنا بانتظارك أنا وحرفين متمردين على عتبة شفاهك المترددة بنطقهما.. لتكتب عنا نحن الثلاثة.. بقلمك العتيق قصة عشق طويلة لا تنتهي إلا على أعتاب الخرافة..

كنت بإنتظارك..
لأسمع صوتك بداخلي يقول (أنا أيضاً كنت بانتظارك)!!

عبثاً يقودني إليك ثم يبعدني كل شيء.. الأمل والملل.. القلب والعقل.. الإنكسار والإنهزام.. القلق والأرق والترقب والتوتر..
ألا ترى كيف تعبث بي اللغة ومفرداتها في لحظات الإنتظار يا سيد اللغة؟؟
كيف أرتبها في حضرة قافيتك المسكونة بالنور والعتمة؟؟
كيف أهديها إليك محبرتي وأوراقي وأنا في أوج حوجتي إليهما.. وأنا أكتب لك وعنك وبك؟؟

أتَعلم.. أنا مازلت أنتظرك .. مازلت مؤمنة بها تلك التفاصيل التي جمعتني بك على الورق.. مازال قلبي ينبض لأشيائك التي لربما لا تخصني.. أرى في انتظارك لحظات تأمل في الماضي وربما الآتي أيضاً.. وحتى ذلك الحين.. أنا أنتظرك..