في زمان يقارب هذا الزمان ومكان ما على كوكب آخر.. كانت هنالك فتاة فاحشة الثراء والجمال.. مدللة والديها تعشق ألعاب الصغار.. بداخلها شقاوة أطفال لا تكبر.. والكل يجمع على أنها تمتلك كل شيء.. لكنها لا تظن ذلك.. تشعر بوحدة قاتلة.. تبحث دوماً عن حب مستحيل.. ليس موجوداً في تلك الأرض الغريبة.. فالجميع سعداء هكذا بدونه.. ظلت تنتظره طويلاً.. حتى أيقنت بأنه لن يأتي..
في عيد ميلادها الأخير.. أهداها والداها حقيبة كبيرة بداخلها آلة الزمن.. فرحت بها كثيراً.. فالآلة أبصرت النور منذ عهد ليس ببعيد ولا يمتلكها إلا أثرياء المدينة..
كانت أول ما فكرت به رحلة نحو الكرة الأرضية.. بحثاً عن الرجل المستحيل.. آمنت جداً بأنها سوف تجده على هذه الأرض الخضراء الزرقاء.. فالخير يشع منها ألواناً مشرقة.. جهزت نفسها بأحلام وآمال كبيرة.. حزمت أمتعتها وحلقت..
عندما هبطط على الأرض.. أثارت إعجاب الجميع وانتباههم.. خصوصاً الذكور.. أعلنت منذ البدأ نيتها السليمة في البحث عن رجل مميز.. تهافتو عليها من كل بقاع الأرض.. أخذت من عمرها أعواماً ضوئية طويلة تقلب بين سجلات المتقدمين لها.. تشدد في البحث مرة.. وتتساهل مرة أخرى.. لكنها لم تجد شيئاً..
إجتاحها إحباط مخيف.. كوكب كامل لا يوجد فيه رجل مميز؟؟ هل انقرضوا أم أن المشكلة في الآلة التي أوصلتها في زمن متأخر.. أو ربما زمان غير مناسب؟؟ أم أن المشكلة في البحث عن المستحيل نفسه؟؟
جرجرت أذيال الخيبة بفستانها الملكي الفضفاض.. ترقبها عيون كثيرة.. ركبت الآلة في صمت.. ضغطت أزراها لكنها لا تعمل.. وبدأت تدور داخل رأسها أفكار سيئة عن مستقبل مجهول في أرض مبهمة.. استيقظ مذعورة.. تتفحص المكان جيداً.. كان كما هو عندما نامت.. ما زال سوبر ماريو في مكانه ينتظر أن تحرك أحد أزرار الجهاز.. تتفقد هاتفها المحمول.. الساعة بعد منتصف الليل بقليل.. تذكرت أنه كان حلم.. إنه خيال لفكرة ما تعيش بداخلها ولكن ليس له وجود.. تكسرت بداخلها الأحلام الوردية.. أوت للفراش مرة أخرى.. ونامت..
على الهامش:-
في اللحظة التي فيها آمنتُ بأن الكرة الأرضية ليس فيها رجال بل ذكور.. جئت أنت وبدلت قناعتي.. يا رجل المستحيل النادر الصفات.. اليوم تقف أمامك أنوثتي مذهولة مهزومة مكسورة.. بجمال انكسار أنثى أمام رجل..
أحتاج إليك الآن.. كي تعلمني كيف تتفرع مني السعادة بكل حواسها ومداركها ومداخل الفرح فيها ومسامات البهجة.. وتستريح على أكتاف الناس..
أحتاج إليك كي تعلمني كيف يمكن أن نتقاسم الحزن مثل حبات النبق واللالوب تحت شجر النيم على رمال بلدتي الصغيرة عندما تخذل الحياة أحدنا..