مع واسيني الأعرج



في مهرجان ثقافي بديع أقيم على شرف الطيب صالح كان بالخرطوم الأديب الجزائري واسيني الأعرج، وكنت معه ومع عدد من المهتمين والمثقفين السودانييين، امتلأت جعبته بالأسئلة، وأشبعنا في الرد بكرم الأدباء الواضح، أكتب في مجلتي جيل جديد كل ما كان.
 
 

- لماذا الجرح لا يزال مفتوحاً في كتابات واسيني؟
أعتقد كل كاتب يحمل شيئاً جوهرياً فيه قد يسميه أحدهم الجرح والآخر الهاجس، ولكن أنا سميته الجرح لأسباب متعددة: فتحت عيني على حرب 1954 في عز الثورة الجزائرية وهو جرح بالنسبة لي حتى وإن لم أعيه وقتها، ثم جرح استشهاد الوالد في 1959 في ثورة الوطنية وتحت التعذيب جرح آخر، طبعاً الحرب موجودة في ذاكرتنا ولكن التفاصيل الصغيرة قد تكون أقوى من الحدث نفسه، أن لا يكون لولدك قبر فأنت تشعر بأن شيء في ذاكرتك ناقص، ونقطة ثانية في نفس العلاقة، عندما كانت الوالدة تزور الوالد في السجن كان يوصيها دائماً بتعلم الأبناء، فحملت على عاتقها تعليم ستة أبناء، ثم يأتي الحب في 1962 ونحلم بوضع أجمل.

دائماً تحكي الدولة عن المليون ونصف شهيد، لكن هنالك جزء آخر غير مرئي من المشهد، فأجمل وظيفة لنساء الشهداء هي تنظيف المراحيض والساحات، وهو جرح، ثم كل ما حلمنا به بمجتمع العدالة ومجتمع الخير انهار بسلسلة من الحروبات الأهلية بدأت في 1987 التي دامت عشر سنوات بـ 200 ألف ضحية وهو رقم مهول.
هذه سلسلة من الجراحات، ولكن دائماً أقول: لنرتبط بالسياسي ونرتبط بالحداثي ونرتبط باليومي ولكن السقف الأعلى هو أن ننجز نصاً أدبياً. بمعنى أن تحول كل هذه القيم المادية المباشرة الجريحة إلى دم أدبي، إلى جرح أدبي وليس إلى جرح سياسي، وهو رهان لم أعرفه ربما في النصوص الأولى ولكن وعيته مع الوقت.

عندما أريد أن أكتب مقالاً سياسياً أنا أكتبه، لدي المئات منها في جريدة القدس العربي، أعطي فيها رأيي عن الربيع العربي والمحيط الذي أعيش فيه والعلاقة مع الهوية والصراعات الختلفة دولياً وعربياً، وهي ردود أفعال، فأنا مواطن بالدرجة الأولى له وجهة نظر ومنخرط في وطنه ويدافع عن المواطنة كرهان أساسي يلتقي فيه كل الناس، لكن أنا لست كاتباً يتأمل المشهد من فوق.



- واسيني ما زال يكتب عن الحب والفراق الأفلاطوني؟
أنا لا أدري ماذا أقول، أنا أكتب عن الحب وسعيد بأن أكتب عن الحب وأعيش في الحب (ثم استدرك) في العلاقة مع الناس، لأن الحب ليس قيمة مجزءة صغيرة، عندما أكتب ضد الأحقاد الهوياتية.
اسمي له معنى أمازيغي وهو الرجل المستقيم، ولا أدري إن كنت الرجل المستقيم حقاً، واسم أمي أمزار وهو قوس قزح، لكن هل هذا العنصر الأمازيغي الموجود في يجعلني أفتخر بأنني أفضل من الآخر؟ في اللحظة نفسها التي أقول فيها ذلك أكون دخلت في الكراهية ولم أعد محباً، ولذلك أقول داخل هذا النسق والسياق، عندما تكتب عن كل ما يسعد الإنسان ويعيده إلى حياته الطبيعية وإلى حبه مع آخرين فأنت داخل الحب. يمكن أن يلعب الوسط دور وإلا ما قيمة الثقافة إن لم تدفع بنا إلى حب الآخرين؟
أكتب عن الحب، أكتب عن المرأة أكتب عن العلاقات الزوجية التي لا تكون أحياناً علاقات زوجية كما يجب، أحياناً علاقات حب جميلة ومتعالية، هذا هو المجتمع هذه صفته هذه صورته، فأنا أكتب عن كل هذه الأمور ما دامت تسهم في محبة الإنسان.




- ماذا عن مكتبة موسيقية وفنية لأعمال التي ذكرها واسيني في كتبه؟
حبيت السؤال كثيراً ومازلت تحت تأثيره عندما سئلت له أول مرة، عندما فكرت في كتابة سيرة ذاتية فكرت في جمع كل المقطوعات الموسيقية التي شكلت نصوصي، فرواية "سيدة المقام" كلها مبنية على إيقاع سيمفونية ريمسكي كورساكوف "الجسدية في رقصة شهرزاد"، وأصابع لوليتا مبنية على لوحة "توبة المجنونية" لفنان فرنسي من القرن السادس عشر، هذه اللوحة فيها الكثير من الإيحاءات حول العلاقة بالحياة والعلاقة بالموت والتسامح والحب، و"جملكية آرابيا" تتحدث عن الحاكم العربي في بداية سقوطه قبل الثورات العربية بفترة قليلة، داخل هذا العمل إيقاعات مغرقة في الشعبية المغاربية، فقلت أنني سأجمع كل هذه الأعمل في مكتبة خاصة بي كما استوعبتها في نصوصي الأدبية، لكن هذا الجهد قامت به "بنيّة" محبة لما أكتبه قامت بجمع كل ما له علاقة ليس بالموسيقى فقط بل التحف واللوحات والأفلام التي ذكرتها.



- كيف تم التعامل مع كتاب الأمير؟
عربياً استقبل هذا الكتاب بحفاوة كبيرة وفاز بعدة جوائز، ولكن ليس هذا المهم، المهم أن الجائزة عبارة عن قوس يجب أن يغلق، يفتحه الآخرون وتغلقه أنت ككاتب، إذا لم تغلقه تظل في دائرة التردد والخوف. فإذا فزت بجائزة فـ "كتر خيرهم" سمحوا للنص أن يصبح مرئياً ومقروءاً أكثر ولكن هذا لا يجعلك أهم من الآخرين.
هنالك العديد من النصوص تمر بصمت للأسف وهي ظاهرة عالمية ولكن الأدب ظالم، شوفوا مثلاً أبو حيان التوحيدي في القرن العاشر هذا القيمة العظيمة الذي اتطر أن يحرق كل كتبه، كتب فيما بعد "الإشارات الإلهية" أنا أعتبره كتاباً مرجعياً تحدث فيه عن أجمل الموضوعات التي ما تزال موجودة إلى اليوم، نصوصه شديدة القوة والتعبير عما نعيشه رغم مرور عشر قرون، وكأن هذا العالم لم يتغير.

عندما كتبت الأمير وعلى الرغم من الاستقبال الجيد والمفيد والمريح للنص، لكنه أثار جدلاً عنيفاً في الجزائر تحديداً، وأنا تفهمته لأن البنية الثقافية بنية تقديسة في الجوهر، كل ما تمسكه تجده مقدساً سواء كان وطنياً أو دينياً، والأمير عبد القادر يكاد يكون مقدساً في المخيال الشعبي والوطني، وتأتي لتقول هو ليس مقدساً! طبعاً يجب أن تعطي ظهرك للضرب وأنا كنت مستعداً للسير في خط غير التقليدي التقديسي. فأنا قرأت تقريباً كل ما كتب عن هذه الشخصية أربع سنوات حول الأمير فقط ، قضيت سنتين في القراءة وسنتين في الكتابة، وصادفت أشياء غريبة كثيرة، مثلاً "تحفة الزاقر" الذي كتبه ابنه محمد بن عبد القادر يعتبر كتاباً مرجعياً لحياة الأمير لأنه كتب في حياة الأمير عبد القادر، في هذا الكتاب فوجئت بأنه منقول حرفياً تقريباً من كتاب فرنسي لأحد مترجمي الأمير اسمه بالامار وسماه "حول الأمير عبد القادر" وهو كتاب في غاية الأهمية وبه شيء من الموضوعية عكس صورة جيدة عن الأمير، فقلت هل من المعقول أن الإبن الأقرب إلى والده من غيره يكتب من كتاب آخر؟ هذا يدل على أن العلاقة بين الابن ووالده ليست على ما يرام، كانت هذه فرضيتي الخاصة، ثم بدأت أبحث وعرفت أن الإبن أصبح مسؤولاً مع الأتراك وبمنصب عالي في تركيا، بينما الأمير عبد القادر كان يخوض صراعاً مع الأتراك في القرن التاسع عشر.



- أين الأدب العربي من جائزة نوبل؟
أنا قلت رأيي في الجوائز، وطبعاً أعظم جائزة هي نوبل، وكل مبدع وكل عالِم يحملم أن تعطى له، فهي تكرمه، تكرم جهده، للأسف أنها تعطى في سن متأخرة، اعطت في الوطن العربي لنجيب محفوط كما تعلمون ثم أغلقت، فلتغلق! أنا بالنسبة لي شخصياً على قيمة هذا الجائزة فهي ليست رهان الكاتب، رهان الكاتب الحقيقي الكتابة، إذا أعطت لشخص وفتح ذاك القوس فهي تضيف له ولكن لا تضيف لكتابته، لأن نوبل ليست هي التي صنعت نجيب محفوظ، يجب أن نعرف أن هذه الجائزة مشروطة بسلسلة من المنغصات لأن من وراءها ليست دائماً نواياه طيبة، ليست القيمة الأدبية هي الحاسمة، نجيب محفوظ استحقها بلا شك لكن هل أعطيت له لأنه كان مع زيارة اسرائيل والسادات والتطبيع؟ سؤال! أنا كمثقف عربي من حقي أن أضعه، وأنا لا أطعن في قيمة هذا الرجل، فكما ورد في تقرير الجائزة هو الرجل الذي أسس لفن الرواية العربية.
على العرب أن ينجزو جائزة بقيمة جائزة نوبل، وعندهم المال، وعندهم أكبر بناية شاهقة في العالم، لماذا لا يصنعون جائزة بنفس العلو؟ يكونوا لجنة من عرب وأجانب ويصنعوا جائزة يحلم بها كل العالم.

مثلاً في مرة من المرات رشح محمود درويش ورشح بجانبه الكاتب الإسرائيلي عاموس عوز ولم تعطى لهم الإثنين بل اعطيت لثالث، جائزة نوبل للآداب لا تعطى مناصفة لأنهم يعتقدون أن الأدب مجهود شخصي، وظل الصراع قائماً على مدى ثلاث سنوات ولم تعطى لأي منهم، لماذا؟ بسبب الهاجس السياسي.
أنا تصورت أن تعطى للكاتب الإسرائيلي بعد عدة سنوات فهو كاتب كبير ومن النخبة التي تعترف بالحق الفلسطيني، ولكن لم تعطى له، فالحساب السياسي والموازنات السياسية تحدث.
كذلك القراء الذين يرشحون لجائزة نوبل ليسوا بالكفاءة اللازمة، فعلاقتهم واهية بالأدب العربي.
لنفتح قوساً آخر، الإستشراق في القرن التاسع عشر والقرن العشرين كان كبيراً، الإيطاليين والألمان وغيرهم قدموا الأدب العربي للعالم، وكانوا متوغلين في الثقافة العربية لغة ونحواً وصرفاً، اليوم ماذا بقي من الاستشراق؟ زملائي بالجامعات الأوربية مدرسون جيدون للغة العربية ولكن لا يمكلون الكاريزما والقوة التي يمتلكها المستشرق القديم.
أعتقد أن غياب هؤلاء المستشرقين الكبار الذين اتطلعوا على الأدب العربي يؤثر على عدالة جائزة نوبل.



- حول دور النقد في الأدب العربي؟
النقد في الوطن العربي للأسف محدود وفالعيته محدودة باستثناء النقد الجامعي، فهو غير خاضع للنزعات الذاتية ولردود الفعل، فمن خلفه مسؤولية رمزية ثقافية أدبية وبالتالي الانزلاق في الآراء الشخصية يصبح محدوداً، هذا النقد موجود ومهم لكن مشكلته أنه يظل دفين المكتبات الجامعية لضعف حركة النشر وضعف الاهتمام، مع أنه منتوج أمضى فيه صاحبه عدة سنوات، أضعف الإيمان أن يخفف من الناحية الآكاديمية ويوضع في السوق لكي يقرأه الناس.
هنالك مشروع في المغرب العربي في مجموعة من دور النشر تنشر الأبحاث الجامعية بعد تخفيفها من الأكاديمي والقراء يذهبون نحوها.
 
 

- كيف ترى صعوبة اللهجة العامية السودانية على القارئ العربي؟
حقيقة وجدت صعوبات في فهم اللهجة العامية السودانية، لكنه ليس عدم فهم، حيث يجب عليك أن تبذل بعض الجهد لتفهم، قد لا أريد أن أكتفي بموسم الهجرة إلى الشمال، أريد أن أقرأ نصوصاً أخرى لكتاب آخرين، علي أن أدخل النص بمحبة المعرفة، ولذلك أقول أن أغلبية اللهجات العربية محتواها الجوهري هو العربي، لكن اللغات دائماً فيها هذه الحركة المتماوجة، تستقبل وتقذف نحو المقابر العديد من الكلمات.
والحقيقة اللهجات هي لغات، وكلمة لهجة تنقص من قيمتها كوجود تعبيري، فمثلاً في الجزائر هنالك حركة تريد أن تكتب نصوصاً باللهجة العامية سرداً وحواراً، من حق الناس أن تكتب كما تريد، ومن حق الناقد أن يطرح السؤال: من يقرؤك؟ من في الوطن العربي (خصوصاً إذا كنت كاتب غير معروف) مستعد أن يبذل وقت طويل وهو يبحث في معاني الكلمات؟ ثم ألا توجد لغة وسطى فيها الإيقاع والنغم والروح الشعبية وفيها نسق لغوي نحوي وصرفي يبين المعنى؟ ثم ما الأجدى: أن تنتمي لهذه اللغة الوسطى ويقرؤك ثلاثمئة مليون عربي أو تكتفي بأربعين مليون جزائري؟
 


- هل الدين هو مسؤولية المنزل أم المؤسسات التعليمية أم المثقفين؟ وما رأيك بالرسوم المسيئة للرسول؟
أعتقد أنها مسؤولية الجميع، أولاً يجب يؤمن المثقف أن المسألة الدينية هي مسألة شخصية وفردية ويجب أن تحترم، من حق الإنسان أن يكون كما هو، هذا أنت كمثقف، أما بالنسبة للمجتمع والسلطة، هل يكفي أن أقول أن دين الدولة هو الإسلام؟ أنا أرفض ذلك، يجب أن تخرج الدين من اللعبة السياسية لأنك بذلك ستحافظ على الدين كما هو كديانة كتسامح كعبدات.
عندما تقول دين الدولة من هي الدولة؟ وما الذي يجعلني أصدق أن الدولة حقيقة تحب الدين؟ باسم الدين يقفون ويبدأون بسم الله الرحمن الرحيم وهم يقتلون الناس.

يجب أن تتحول الدولة لحامي لجميع الأديان والثقافات، ماذا عن اليهودي الذي كان يعيش في الجزائر في القرن الثامن عشر؟ ماذا عن المسيحي؟ هل سيعيش سرياً؟ ويدفن موتاه سرياً؟ أم يعيش كأنه في وطن يجمعه الجميع؟ تحترم الأديان كما هي لبناء علاقة صحية مع الدين.
الأغلبية هم المسلمون فليكن، والأغلبية الساحقة نعم، يجب أن يعطوا هم الدرس في عدم إقصاء الآخر لأنهم لا يعيشون في هاجس الأقلية، يعيشون برفاه الأغلبية. ما دمر بلداننا إلا ربط السياسي بالديني واستعمال الدين لأغارض سياسية، ماذا لو وضع الدين على جنب وبدأ الصراع السياسي وفق مقولات بشرية، ولتأتي أنت من أي تيار في ظل قانون يحكمك ويحكمني.
بالنسبة لما حدث في فرنسا، فالصحافة لا تحكي أشياء كثيرة، جزء كبير من الخطاب الفرنسي يقول: فرنسيون من أصول أفريقية أو مغاربية، وكأن الكيان الفرنسي يتجرد من المسؤولية، بينما هؤلاء الذين نفذوا العملية شباب فرنسيون، ولدوا وكبروا في فرنسا، وثقافتهم بنيت على الثقافة الفرنسية، فبدل أن أقول عن هؤلاء أنهم من أصول مغاربية، كان يجب أن أسأل نفسي كفرنسي ما الذي أدى بهم إلى التحول والإنحراف إلى قتلة؟ هذا هو السؤال الأساسي والمركزي.
عندما تتطرق إلى هؤلاء تجد أنهم فقدوا علاقتهم بالمجتمع، والعنصرية في فرنسا للأسف بدأت تتسع وتأخذ بعداً جديداً، وبدأت مع الرئيس السابق ساركوزي تمارس بشكل معلن.
صدرت في فرنسا في خلال عام مضى ثلاث كتب تقول أن الهوية الفرنسية تبعثرت ولم تعد هوية تنتمي إلى ثقافة محددة (مسيحية يهودية)، ودخلت فيها عناصر أخرى تعمل على تدميرها، ويذكر العرب والأفارقة والآسيويين. تحدثوا بعنصرية، قد يعود الشخص إلى أصوله ثقافياً ولكن من حيث وجوده كإنسان فهو أصبح فرنسياً. الكتاب واجه تأييداً عارماً ونقاشاً صارم.
وكتاب آخر اسمه "الخضوع" أتمنى أن يترجم إلى العربية، لكاتب معروف بعنصريته، حقق الكتاب أعلى المبيعات، هذا لم يكن يحدث قديماً في فرنسا، عندما يقال أن الكتاب عنصري لا أحد يذهب عليه، لوجود ثقافة داخلية مضادة للعنصرية. وهذا يدفع بي لقراءة المشهد الثقافي في البلد، هنالك شيء يتغير على نحو غير جميل ولا يسعد فرنسا ذات التاريخ الإنساني الحقوقي.
هذا الكتاب يفترض وصول عربي إلى رئاسة الجمهورية الفرنسية، عليه عملية تخويف إذ كيف يكون هذا العربي المسلم؟ وكيف يسير بالبلد؟ وبأي فقهية (سيدفع البلد إلى الإنهيار)؟
هذا يعني أنك لا تؤمن بأن هنالك عربي سيصل ذات يوم إلى السلطة. أنظر كمثال لأميركا اللاتينية، كارلوس منعم رئيس جمهورية منتخب ديموقراطياً، ولكنه ظل أرجنتينياً يدافع عن مصالح بلده.
جريمتك أنقذت جريدة كادت تموت، لذلك أقول أن مثل هذه الأشياء يجب أن تضبط ولا نجد لها مبررات، دعني أدين هذه العملية أولاً ثم أدافع عن حقي في أن أحترم. للأسف هذا ما حدث، هنالك قضاء ومسؤسسات ووسائل أخرى نستطيع أن ندافع فيها عن حقنا في الوجود لكن ليس بهذه الطريقة القاتلة.



- التسرع في نشر النصوص.
أن تنشر نصاً ضعيفاً في وقت مبكر فأنت تحكم على نفسك بالإعدام، البعض يكتب النص مرة واحدة ثم يعطيه للنشر ويرقد ويرتاح وينتظر أن يقف التلفزيون على نصه، أقول لكم كيف أكتب: الكاتب مثل العامل، تلبس اللباس الأزرق وتقف على النص بعد عينة من التحضيرات وتبدأ في فعل كتابي بجهد عضلي وذهني، قد أقلل من وقت نومي أو راحتي ولا يضر أن تعطي هذا النص جل وقتك، أصعب ما في الكتابة هي تركيب الشخصيات واسقاطها في أماكنها فهي الحرفية في الكتابة، أكتب الصيغة الأولى وهي خارطة مرتبكة، أعتمد على هذه الخارطة في كتابة نص له منطق له عقل، في المرحلة الثالثة تعتمد على الصيغة الثانية وتنجز نص خارج من الثقوب، ثم تأتي مرحلة الدلع، تصوب هنا وتصحح هناك تسحب وتبدل الجمل، تخفف وتقوي من المعنى، تحذف الزوائد التي لا قيمة لها في العملية السردية وهكذا حتى يستقيم النص وتبعث به إلى النشر.
هنالك العديد من الروايات التي تبدأ في كتابتها ولكن مرحلة ما منها لا تظهر، فتصبح رواية ذهنية، لكن النص لا يكتب إلا عندما يستقر على مدار شهور أو سنوات.



كتب هذا المقال لصالح مجلة  جيل جديد
تسنيم دهب