مهرجان العود الثاني




تبللت روحي بالجمال في النسخة الثانية من مهرجان العود الذي أقيم بالخرطوم أيام 23 و 24 و25 فبراير هذا العام 2017
لم أكن لأتوقع يوماً أن تصل علاقتي بهذه الآلة للحد الذي أستمتع فيه بمهرجان أعد خصيصاً للإحتفاء بموسيقى العود
موسيقى التسعينات السريعة والكثيفة الآلات التي كان يغنيها الفنانون العرب كانت بداية ارتباطي بالموسيقى
وعندما جئت للسودان قبل عشر سنوات كان العود أحد الأشياء الجديدة التي أجرب التعود عليها
إذ لا تخلوا منه المقطوعات السودانية القديمة، أغانية الحقيبة المستحدثة، والفنانون المعاصرون الذين يرفضون الإنضمام إلى جوقة الفن التقليدي

قدمت مجموعة دال قبل عامين مهرجان العود الأول، الإسم فقط كان مستفزاً
لم أحظى بأي فرصة للحضور، لكن الدهشة التي حدثت في أصوات أصدقائي وفي أعينهم كانت كفيلة بإشعاري بالندم
هذه السنة اقتلعت فرصتي بالرغم من التحديات
وكان الأمر يستحق



في الوقت الذي أتحسس فيه الموسيقى داخلي بشكل مختلف، الموسيقى فقط، أبحث عن أشهر العازفين وأجرب المقطوعات وتأثيرها عليّ
يأتي المهرجان، كثيف المحتوى، حيّ ورومنسي، لتتحرك مشاعري مع كل آلة تحكي أوتارها القصص عن كل أنهار العرب وغاباتهم وصحرائهم

حضرت اليوم الثاني، يوم خريجي بيوت العود في مصر والإمارات، كان مدهشاً
أشرف عوض عزف مقطوعات سودانية لأغاني مألوفة بمشاركة عازفيّ جيتار، عرفت فيهما المتميز جداً عماد فضل المولى
جمال العزف لم يستفز ذاكرتي مطلقاً للاستحضار الكلمات، كنت أنصت فقط
نانسي فاروق!! الجميع كان يشعر بالذهول وهي تعزف، ما الذي تفعله هذه المصرية بالعود؟ كيف تستطيع عزف أغنية كاملة للقصبجي وعبد الوهاب وأم كلثوم وفريد الأطرش بكافة انحناءاتها بهذه الانسيابية؟
الأمريكي جبرائيل لافين كان عزفه يشبه أناقة الموسيقى الغربية
وأحمد شمة، كيف يمكن وصف مقطوعاته؟
ثم مازن الباقر بمشاركة عازف الكمان المتفرد حسام عبد السلام، وبمشاركة الطبل والرق
أدهشنا مازن، قاطعه الحضور مراراً بالتصفيق

أما اليوم الختامي فكان لنصير شمة
موسيقى نصير كانت باللون الأزرق والأخضر
كنت كلما أغمضت عيناي رأيت هذين اللونين
كانت الموسيقى خصبة ومنعشة
خرجت من الحفل وأنا أشعر بالإمتنان لكل شيء
شكراً دال على هذا الجمال الخالص
شكراً على التذاكر المجانية، في الوقت الذي يطلب فيه منظموا احتفالات ومناسبات أقل جودة من التي قدمتموه مبالغ مالية كبيرة
شكراً على الجو المناسب تماماً للحفل الذي خلقتموه، الخيمة الآسرة الشاعرية، الأضواء الصفراء الخافتة والهندسة الصوت، يا الله من هندسة الصوت في مهرجان العود، أحد الاحتفالات النادرة التي كان الصوت فيها مظبوطاً جداً
كان كل شيء ميسراً لينسكب الجمال داخلنا بانسيابية
لنستمتع فقط
شكراً لكل من قام على عاتقهم هذا العمل الضخم
من نفذ من قبل أي فعالية ثقافية أو فنية يعلم جيداً كم يتطلب الأمر مجهوداً جباراً للتنفيذ فقط، فشكراً دال على التجويد في التنفيذ
شكراً لاستقطب الموسيقيين من أنحاء العالم
والشكر بالتأكيد للموسيقيين والعازفين أنفسهم، الذين أبهرونا بأعمالهم وبتناغمهم مع آلاتهم، الشغف العميق بالموسيقى الذي سمعناه بأرواحنا قبل آذاننا

* الصور لعدد من أصدقائي على فيسبوك
انغمست جداً بالاستماع ولم ألتقط الصور :)