وفاء الأمين ونادي الزول والزولة




كانت إحدى الأمسيات الملفتة في الخرطوم التي قام بها نادي الزول والزولة منتدى مناقشة بحث بعنوان "من نحن؟ دراسة عن الهوية الثقافية بين الشباب السوداني" وهو بحث قام به النادي وقام بدعوة المهتمين لمناقشته وعرض نتائجه، التجربة الملفتة التي قامت بها وفاء الأمين بصحبة عدد من أعضاء النادي لفتت الإنتباه لقضية الهوية بشكل عام، وللنادي بشكل خاص؛ قمنا بزيارة النادي والتحدث مع مؤسسته حول ما يقوم به من أنشطة وأبحاث.


- عرفينا في البدأ على وفاء الأمين ونادي الزول والزولة.
أنا وفاء شعيب حمزة الأمين، ولدت في السودان وعشت في إيرلندا، اخترت أن أدرس مرحلة الجامعة هنا في السودان، لرغبتي في التعلم عن البلد والعادات واللغة. درست الطب لخمس سنوات في جامعة العلوم الطبية والتكنوجيا، ثم ذهبت إلى إيرلندا لآخذ درجة الماجستير وعدت إلى السودان مرة أخرى في 2013.
أسست نادي الزول والزولة في أكتوبر 2014 باستضافة إلياذة دقنة في مركز بلان بي، وهو وقت كنا بحاجة فيه إلى مقر لنقوم بتدريب أنفسنا.
بدأت فكرة النادي وأنا بإيرلندا، كنت أود القيام بعمل يستطيع أن يؤثر في مجتمعي في السودان، فأي فكرة أو مشروع يقابل بموجة من الإحباط والتعليقات السلبية حتى من اللصيقين بالأمر، كانت الفكرة أن أكوّن مجتمعاً خالٍ من السلبية يقوم بتحفيزك لتحقيق طموحاتك، أن يكون مجتمعاً يبني بعضه ببعض، وأن يصبح مكاناً جيداً للقراءة أو المذاكرة أو العمل، وأخذ دورات تدريبية بعينها، نشعر أن الأشخاص يخرجون منها إلى الحياة وهم مدركون لأهدافهم ويعملون عليها.
نحن نعمل على خلق بيئة جيدة لتطوير الذات، كل الموجودين فيها أيضاً مشغولون بتطوير أنفسهم.



- بين مجال الدراسة والزول والزولة.
أنا أحب الطب، تخصصت في مجال النساء والتوليد، أحببت العمل في مجال الأبحاث حول هذا النوع من التخصصات الطبية. قمت بتأسيسس الزول والزولة الذي نعمل فيه في التنمية الذاتية وخلق مجتمع إيجابي، وعلى الرغم من أن الفكرة بعيدة نوعاً ما عن مجال دراستي لكن لدينا في النادي قسم للأبحاث نقوم فيه بالبحث حول المشاكل الصحية ذات الإرتباط بتخصصي والقضايا الأخرى مختلفة.


- دعينا نتعرف على نادي الزول والزولة من داخل، ما الذي تقومون به؟ ولماذا اخترتِ اسم "الزول والزولة"؟
كنت أبحث عن اسم مرتبط جداً بالسودان، يعبر عنّا ويلتصق بانتباه الناس منذ أول مرة، سواءً كانوا سودانيين أو غير سودانيين.
أسست النادي بدعم مباشر من أسرتي. لدي فريق عمل بمهام محددة تنقسم على الأبحاث والتدريب والتسويق وإدارة النادي. 



- ما هي مشاريع النادي المختلفة؟
مازلنا نعتبر أنفسنا في مرحلة تأسيس لكننا بدأنا بتقديم ورش التنمية الذاتية في أبريل الماضي، وأول ورشة قدمناها في النادي بعنوان "ألقى هدفك" نعمل فيها على اكتشاف المهارات والخصال القوية في الشخصية، والخصال الأخرى التي يحتاج الفرد للعمل على تنميتها؛ قمنا أيضاً بتنظيم معرض أزياء أفريقية في ديسمبر الماضي. والآن المركز مفتوح لاستقبال الطلاب أو الموظفين، أو الذين يرغبون في الإستفادة من الورش التي يقدمها النادي، وهي تقام بصورة دورية ويتم الإعلان عنها من خلال صفحتنا على فيسبوك، قمنا أيضاً باستضافة مشروع "مكتبتنا" أحد مشاريع مجموعة تعليم بلا حدود، وهو يهدف لإنشاء مكتبة استلاف كتب مجانية مقرها النادي.


- في الدورات التي تقدمونها، هل تقومون بتطوير كل فرد بعينه أم كمجموعات بشكل عام؟ وما طبيعة البرامج التنموية التي تقدمونها؟
كل البرامج التي نقدمها في النادي قمنا بتجميعها وتطويرها نحن، واستخدامها لتدريب أنفسنا كمجموعة مؤسسة للنادي، ثم تقديمها للجمهور. هذه الورش لا نقدم فيها معلومات جديدة بالضرورة، لكن المميز أننا نعمل مع المتدربين على تطبيقها في حياتهم، وأهدافهم وعاداتهم. نعمل كمجموعات نعم، لكن نحن على استعداد لتلبية حاجات الأفراد المختلفة للتدريب والتطوير.


- لنتحدث عن آخر بحث قمتم به، عن الهوية، ماذا كان الدافع؟ وما النتائج التي خرجتم بها؟
قمنا بالبحث عن طريق الصدفة، في الحقيقة لم نكن نخطط لإنشاء قسم للأبحاث في النادي، لكن أحد أول وأهم الأسئلة التي كنا نبحث عن إجاباتها في الأشخاص المنضمين لمجتمع النادي: ما هو هدفك؟ ما الذي تريد القايام به في حياتك؟
وجدنا أن معظم الناس لا يودون إمضاء حياتهم في السودان، ففكرت أن نبحث عن هذه المشكلة بشكل أعمق. لاقى البحث قبولاً في أوساط الشباب، وشارك فيه 984 شخص 96% منهم يطمحون للهجرة خارج السودان؛ قمنا بتحليل النتائج واستخدامها في الدورات التدريبية. ثم اصطدمنا بالهوية، وجدنا أن واحدة من أهم أسباب مشاكل الشباب أنهم لا يعرفون من هم، ليست لديهم هوية واضحة، فقمنا ببحث الهوية.
البحث كان إلكترونياً لمدة شهر واحد قام 530 شخصاً بالمشاركة فيه وعلى مساحة ضيقة، لنقوم باستخلاص شكل الهوية التي تعبر عن هذه الشريحة، والنتائج متاحة بالتفصيل على الموقع.


- هل قمتم بالبحث بدون الإستعانة بخبراء؟
نعم، في دراستي للماجستير قمت بالعديد من الأبحاث من قبل، لذلك لدي خبرة جيدة في الأساسيات، وفريق عمل النادي أيضاً لديهم مقدار من الخبرة، لكن عندما فتحنا نقاش البحث للجمهور واستمعنا للخبراء في المجال، اكتشفنا بعض الأخطاء التي ارتكبنها والتي سنعمل على معالجتها قبل القيام ببحث آخر.


- ما الذي خرجتم به من هذا البحث؟
نحن في السودان مختلفون جداً في أشكالنا وألواننا ولغاتنا وعادتنا، والتحدي أصبح في أننا يجب أن نحتفل بكل التفاصيل التي تميزنا كسودانيين. الهوية مفهوم كبير، كلما بحثنا فيه وجدناه أكبر وأعمق مما كنا نتصور وربما أكبر من قدراتنا في المركز، له أشكال مختلفة: كهوية الشخص وهوية البيئة وهوية الثقافة وهوية الوطن وهوية المجتمع، وتختلف من بلد للآخر، وهي نفسها تتغير في الإنسان بتغير شكل حياته. لكنها بذات القدر مهمة، فلو كنت تريد أن تبني في نفسك شخصاً منتجاً يجب أن تكون قادراً على الإجابة عن سؤال: من أنا؟ وما الذي أريد أن أقوم به في حياتي؟
البحث جعلنا نستند على هذا الإختلاف الضخم كأساس للإنسجام داخل مجتمع النادي، فعندما ينضم أحد للزول والزولة، ستكون أحد أهم ساسياتنا أن يعرف هويته، ونتشارك جميعنا الإحتفال بها.


- البحث كما قلتِ كان أكبر من قدرات النادي؟ يحتاج للتنقيب أعمق في القضية، هل هذا ما ستقومون به في البحوث القادمة؟
فكرة الهوية كبيرة جداً لجهة واحدة كنادي الزول والزولة، وتحتاج لعمل مكثف من فِرق مختلفة يساهم فيه كل المجتمع بهدف أن يعالجوا فقط موضوع الهوية، نحن هنا نقوم على التنمية العامة للأفراد. قمنا ببحثٍ واحدٍ وسنكتفي به. لكننا سنواصل العمل على الأبحاث في نادي الزول والزولة في مجال التنمية والتنمية البشرية والصحة العامة بصورة تطبيقية أكثر.