زينب الكنزي – حكاية العزيمة





التقت أسرة أندريا بالسيدة زينب محمد محمود إبراهيم الكنزي التي تداول السودانيون خبر تخرجها منتصف العام الماضي 2015 من كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الرباط الوطني، بعد أن انقطعت دراستها في زمن مبكر كان فيه الزواج وتكوين الأسرة أمر طبيعي على حساب الخروج من المدرسة، إلا أنها عادت لمقاعد الدراسة بعد أكثر من ثلاثين عاماً متحدية كبر سنها وعازمة على مواصلة دراستها ما بعد الجامعية. السيدة السبعينية زينب أزرق كما تلقب في حي الشجرة حيث تسكن لها قصة تحمل الكثير من التحدي والإلهام والتشجيع لمواصلة الدراسة أينما انقطعت، فهي بروحها الحية قد بعثت فينا الإلهام.



أرقام في الذاكرة:
السيدة زينب الكنزي ذات الـ 76 عاماً مازالت تحتفظ بأهم محطات حياتها وكأنها مقسمة داخل ذهنها إلى فصول كتاب، سردت حكايتها معززة بالتواريخ والأرقام، فهي حسبما تقول ولدت مع انتهاء الحرب العالمية الثانية في الخرطوم شارع الاسبتالية جنب القبة الخضراء والتي أصبحت اليوم منطقة السوق العربي عام 15\3\1940، وانتقلت إلى أصوان حيث عاشت فيها بعد وفاة والدها الفترة بين 1952 إلى 1956، تزوجت عام 1954، ثم عادت إلى السودان في 1956 فسكنت ببري المحس حتى 1963 ثم انتقلت إلى الشجرة حتى يومنا هذا.
أما عن رحلة التعليم فقد بدأت بالرجوع إلى الدراسة في 1991 في المدرسة المصرية في حي الشجرة، وتوقفت عن الدراسة في 1994 بسبب المرض، وعاودت المحاولة في 2006، فشلت في امتحان الشهادة الثانوية ثلاث سنوات متتالية حتى نجحت في 2010 والتحقت بالجامعة التي اكملتها بنجاح.



حكاية الدراسة - العزيمة:
- بداية الدراسة كانت في خلوة والدها قبل أعوام تعلمت القراءة والكتابة: "ما بتذكر بالظبط متين دخلت أو درست كم، لكن لقيت نفسي بأقرأ وبأكتب".

- أما عن المدرسة الحكومية بنات في الخرطوم التي درست فيها مراحلها الأولى قبل الرحيل إلى أسوان تقول: "أسي شايفاهم كسروها عملوها محلية الخرطوم، اتأثرت شديد".

- العودة للدراسة في المدرسة المصرية.
"درست رابعة وخامسة وسادسة من مرحلة الأساس في عام واحد وطلعت الأولى على النظاميين ما يقال عليها اتحاد معلمين والمصريين بقولو عليها خدمات، أخذت فيها أولى وثانية إعدادي وهو المستوطة، في السنة الثالثة انفصلت المدارس المصرية فامتحنت المنهجين المصري والسوداني".

- في السنوات الخليتي فيها القراية؟
"أصلاً حكاية إني أرجع القراية ما شلتها من بالي خالص لكن الباب يتفتح لي بي وين مع المسؤوليات؟ انتظرت حتى كبرو أبنائي وبدأت الدراسة مع أحفادي".

- اختارت الدراسة في معهد شروني رغم إن توزيعيها كان في مدرسة عواطف عبد العال النموذجية لكنها اختارت المعهد ذو الدراسات الإسلامية والقراءنية.
الدراسة في مرحلة الأساس والمرحلة الثانوية أسهل نوعاً ما من الجامعية، ألم تواجهي بعض الصعوبة في دراستك الجامعية؟
"لأ أبداً، الثانوي زاتو كان الناس المعاي بيستصعبو منها، كانت 17 مادة غير الأكاديمية وكل مادة قائمة بذاتها، العربي لم يكن مادة واحدة، كان مقسم للأدب والنصوص والصرف والنحو، والدراسات الإسلامية كذلك".

- قضيتي ثلاث سنوات في امتحان الشهادة!
"كنت برسب في الرياضيات والإنجليزي لأني ما بحبهم، أسي بتقولو ليهو رياضيات زمان كنا بنقول ليهو حساب".

- ساعدوك أولادك في القراية؟
"ما معترفة بيهم، لكن ولد أخوي دة لمن أكون نازلة امتحان لمادة الصرف والنحو بيجي يراجع لي".

- "ما بعرف والله يا بتي، يقولو لي أنزلي بنزل، امتحني بمتحن، لكن الورق وين وبيجيبوهو من وين ما بعرف" هكذا قالت عندما سألتها وأنا أتذكر صفوف التسجيل المزدحمة في الجامعة في كل بداية عام.

- وعن الزي الجامعي الخاص بجامعة الرباط الوطني قالت: "ألبس الزي الجامعي، الاسكيرت والبلوزة لكن توبي ما طلعتو.. عيب!".

- سألتها عن تخصصها الذي اختارته في الجامعة فقالت: "ما حألبس البالطو الأسود وأرافع، ولا حألبس القبعة وأقعد في الكرسي وأحكم على زول، ولا حألبس سماعة، بعد كدة عايزين نعرف حاجة عن ربنا ونتوسع في علمو".

- الجامعة في أركويت والسكن في الشجرة، كيف كنت بتمشي الجامعة براكي؟
"كانت معاي بتي وزوجها بيوصلوني وبركب أمجاد لو لقيت نفسي متأخرة، طالب العلم كل ما يمشي خطوة ربنا بيسهلها ليهو فبقول أحسن أتعب حتى لو لقيت نفسي حأتأخر، بمشي عشان خاطر البنات والأولاد القدركم.
أنا الدكاترة بتكسفو مني بفتحو لي الباب وبقولو لي أدخلي بقول ليهم لأ أقيف زيهم احتراماً لبناتي وأولادي فبدخلونا كلنا".

- القراية حارة؟
"لا ما حارة. إنتي بتتجرسي من القراية؟ الكتاب دة صديق، إنتي بتتضايقي من صديقاتك ولا بتستغني منهم؟ الكتاب دة زي الظل وزي الصديق. بقولها ومن صميم قلبي، بحب القراية".

- في ناس كتار غيرك وأصغر منك وقفو القراية.. تقولي ليهم شنو؟
"أرجعو تاني كان ما عايزين يرجعو أمهاتهم يجو ياخدوني عشان أمشي أدقهم".

- "الله أعلم أقنع من القراية، إلا الموت، سبيل الأولن والآخرين أو المرض".



قصة في الذاكرة:
ختمت السيدة زينب حكايتها عن الفترة التي انقطعت فيها عن الدراسة والتي امتدت لأكثر من 33 عاماً
لكنها لم تنقطع عن قراءة القراءن والكتب الدينية والكتب والمجلات؛ تذكر من الروايات رواية عبث الأقدار لإحسان عبد القدوس وتذكر من المجلات أن أول عدد لمجلة الشبكة كان عام 1963، وفي الغلاف كان زواج فيروز الفنانة اللبنانية حيث قرأت أن شهر عسلها كان على رحلة نيلية بالباخرة كما تقول.
"ما قطعت القراية بس ما مواصلة في الدراسة، وبقرا الحاجات البستفيد منها".


كتب المقال لصالح مجلة أندريا